like or share

الأحد، 26 يونيو 2016

سؤال عايز اعرف ايه خطية ايوب البار وليه ربنا سمح لشيطان يجربه

التجارب... من وجهة نظر الله... ومن وجهة نظر الشيطان


سؤال 
عايز اعرف ايه خطية ايوب البار وليه ربنا سمح لشيطان يجربه




المقصود بالتجارب هو الأحداث المؤلمة المصطلح على تسميتها بالأحداث الشريرة التي تمر بالإنسان كما قال أيوب "أالخير نقبل من عند الله والشر لا نقبل" (2: 10).

وفي هذا القول نرى نوعية إيمان أيوب بالله، فنجده يفهم أن الله هو ضابط الكل، كل الأحداث سواء التي يراها الإنسان خيرًا أو التي يراها الإنسان من وجهة نظره شرًا، الكل هو من عند الله أو بسماح من الله، لذلك هو نسب ما حدث لله ولم ينسبه للكلدانيون "الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركا" (1: 21). وهذا المفهوم قطعًا هو مستوى عالٍ من الإيمان.

فماذا إذن، هل كان إيمان أيوب في هذا كاملًا؟ في الحقيقة لا.... لم يكن كاملًا، كان له مفهوم خاطئ، وكان هذا هو المدخل الذي حاربه به الشيطان.

أيوب فهم أن الله لا بُد وأن يعطى ما يُسَمَّى بالخيرات للأبرار، ويعطى ما يُسَمَّى بالشر للأشرار، وقطعا في نظر أيوب هنا أن الخيرات هي الخيرات المادية (أي المال والصحة...). فلم تكن في العهد القديم هناك صورة واضحة للخيرات والعطايا الروحية (سلام وفرح على الأرض وحياة أبدية وفرح أبدي ومجيد في السماء) وهذه تنتج من العشرة مع الله. وهذا نراه في محادثاته مع أصدقائه، ونراه غير مُدرِك تماما لمفهوم الحياة الأبدية، فهو يتصور أن الإنسان بالموت ينتهي تمامًا. ومن هنا كان تساؤل أيوب إن كان هو أي أيوب بارًا، فلماذا يسمح له الله بهذه الآلام؟ وكان هذا هو مدخل الشيطان، فأي مفهوم خاطئ لإيمان الإنسان يكون سببًا في تشكيك الشيطان للإنسان في محبة الله له أو مدخل لخطية ما.

وما لم يفهمه أيوب، أدركه داود حين قال "بالخطايا ولدتني أمي" (مز51) ولقد أدرك داود أيضًا الحل إذ صرخ قائلا.. "قلبًا نقيا إخلقه فيَّ يا الله.." بل وقال في مزمور آخر "جربنى يا رب وامتحنى. صفِّ كليتى وقلبي" (مز26: 2) وفي الترجمة السبعينية تترجم "أبلني يا رب وجربني، نقِّ قلبي وكليتي" فنجد داود هنا قد فهم أنه مولود بالخطية ويطلب أن الله يسمح ببعض التجارب والآلام لتصيبه ليحصل على القلب النقي فيَكمُل، وهذا ما يسميه الكتاب تأديب الرب لأولاده (عب12: 4-8). وكان أليهو صديق أيوب قد وصل لنفس هذا المفهوم الذي لم يفهمه لا أيوب ولا أصدقاءه الآخرين. ولم يفهم لا أيوب ولا أصدقاءه قضية حسد الشياطين لأولاد الله ورغبتهم أن يلحقوا الأذى بهم، إذ كيف يحبهم الله وقد غضب عليهم هم وطردهم. وبنفس المفهوم نجد الشيطان يدبر الشر للمسيح إذ حسده لقداسته.

لكن الله في محبته يُحَوِّل حسد وتجارب الشيطان لخير أولاده، وهذا معنى قول الرسول "كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله...." (رو8: 28).
وبهذا المفهوم وجدنا الله يسمح للشيطان أن يُجَرِّب أيوب ببعض الآلام لتنقيته، ولكن كانت الآلام في حدود ما يسمح الله به فقط، فالله يعلم ما هو مدى احتمال الإنسان للتجربة. وفي هذا يقول بولس الرسول "الله لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة المنفذ (التعزيات) لتستطيعوا أن تحتملوا" (1كو10: 13).

ونجد الشيطان حين يسمح له الله بأن يُجَرِّب إنسان، نجده يُسرع ويصيب هذا الإنسان بشرور كثيرة، وهدف الشيطان بهذا أن يفسد العلاقة بين هذا الإنسان وبين الله إذ يُصَوّرِ للإنسان أن الله لا يحبه ويسمح له بهذه الشرور، فيدفع الإنسان ليتصادم مع الله ويتخاصم معه، وهذا يحدث قطعًا لكل من لا يفهم محبة الله له وأن هدف الله تنقيته من خطية معينة يريد الله أن يخلصه منها.


خطية أيوب التي يريد الله أن ينقذه منها

وماذا كانت خطية أيوب؟ الكبرياء والإحساس بالعظمة والشعور بالبر الذاتي. ونلاحظ هذا في فكره عن الله وفكره عن البشر، فتصور أيوب أن الله قد أخطأ معه إذ سمح له بكل هذه الآلام بينما هو أي أيوب بار لا يخطئ، وأن الله قد أخطأ إذ ترك الأشرار كالسبئيين والكلدانيين أن يلحقوا به الأذى بينما هم في سلام ولم يعاقبهم الله. إذًا تصور أيوب أن الله يمكن أن يخطئ وأنه أي أيوب لا يخطئ. وفي هذه النقطة لامه أليهو وحمى غضبه عليه (32: 2 + 33: 8-12) إذ حسب نفسه أبر من الله. أما مع الناس فنسمع قول أيوب الصعب " وأما الآن فقد ضحك علىَّ أصاغري أياما الذين كنت أستنكف من أن أجعل أبائهم مع كلاب غنمي" (30: 1).

فهذه الكبرياء قاتلة ومدمرة للعلاقة مع الله وتحرم الإنسان من أبديته، ولذلك يريد الله أن يشفيه من هذا المرض فضغط عليه حتى يتواضع وينسحق.


ولكن لماذا يريد الله لأولاده أن ينسحقوا، هل يريد الله أن يذل أولاده؟!

قطعا لا. إذن لماذا؟

الله يريد أن يسكن عند أولاده وأن يتحد بهم، فكيف يسكن عند منتفخ متكبر بينما أن الله نفسه متواضع، كيف يتحد النقيضان. وفي هذا نسمع أن الله الذي يسكن في الأعالي يسكن أيضًا عند المنسحق والمتواضع القلب (إش57: 15). وبينما يقول السيد المسيح "لا أعود أسميكم عبيد..." (يو 15: 15) نجده يقول "إن فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون" (لو17: 10) لذلك نفهم أننا أحباء الله وأبناءه لكن علينا أن نتواضع وننسحق فنتلاقى ونتحد مع المسيح المتواضع.


تجارب الشيطان لأيوب والتي سمح بها الله

نسمع أن الشيطان يقول لله " جئت من الجولان في الأرض والتمشي فيها" (1: 7) فماذا كان يفعل في جولانه غير إلحاق الأذى بالناس وتجربتهم سواء بخطاياه التي يسقطهم فيها أو بأذيتهم. وقطعا هو مرَّ على أيوب وحاول معه وفشل. ونجد الله يفتخر بعبده الذي هزم الشيطان. والشيطان في حقده على أولاد الله نجده يدَّعى أن رفض أيوب السقوط في غواية الشيطان له راجع لأن الله قد أعطى خيرات مادية كثيرة لأيوب. فالشيطان في شره وكراهيته لله لا يتصور أن هناك من يحب الله لشخصه، فكبرياء الشيطان أعمت عينيه تماما عن محبة الله وحلاوة وعذوبة العشرة مع الله. وهنا سمح الله بأن يجرب الشيطان أيوب. وكان هدف الله تنقية أيوب تماما كما تنقى نار الفرن الذهب من شوائبه، لكن طبعا كان للشيطان هدف آخر وهو أن يوقع أيوب في خصام مع الله. وقطعا كان الله واثقًا من احتمال أيوب لهذه التجارب وإلا ما كان قد سمح للشيطان بها. وكان أن بدأت تجارب الشيطان لأيوب كالآتي:-

1) التجارب التي لا تمس جسده.

2) التجارب التي تمس جسده.

3) استخدام امرأة أيوب لتدعوه أن يجدف على الله الذي تسبب في أذيته.

4) استخدم أصدقاءه ليثيروه بإدعاءاتهم الخاطئة، فقالوا عنه أنه شرير وخاطئ بل كالوا له تهم من تصورات خيالاتهم، وتصوروا أن الله يضرب أيوب بسبب هذه الخطايا المزعومة.

وفي الضربات الثلاث الأولى لم يخطئ أيوب بشفتيه (1: 10) ولكن كان قلبه فيه أشياء كثيرة ضد الله. لذلك سمح الله لأصدقائه أن يثيروه ويضغطوا عليه بشدة لكي ينفتح الجرح ويخرج الصديد الذي فيه ويُشفَى أيوب. وكان سبب السقوط أن أيوب اعتبر أن الله يعاديه بلا سبب فدخل في عتاب قاسٍ مع الله ظهر فيه ما في قلبه.


الله له شهود يتكلمون بما يريد

قال الله لإرمياء النبي "مثل فمي تكون" (إر15: 19) وهنا نجد الشاب أليهو هو فم الله الذي يعلن لأيوب الحق الذي كان أيوب يجهله. وتلخص كلام أليهو فيما يأتي:-

1) الله لا يخطئ ولذلك لا يُناقَش وكل ما يسمح به هو للخير.

2) الله يؤدِّب بالآلام ولا يوجد إنسان كامل لا يحتاج لتأديب.

3) من المؤكد أن هناك عيب داخل أيوب يؤدبه الرب عليه، فإن لم يكن أيوب يعرفه فعليه أن يسأل الله عنه ويقول "ما لم أبصر فأرنيه أنت" (34: 31، 32).

كان الله هو الطبيب الشافي لأيوب، فبعد شفائه من الإحساس بالعظمة والكبرياء والبر الذاتي، تقابل مع الله وكلمه الله. عاد لله وعاد له الله ضاربًا فشافيًا (إش19: 22).


ولكن لاحظ ترتيب الأحداث المؤدية للشفاء:-

1) البداية كانت بالتجارب التي أدت لاختفاء الشعور بالعظمة من داخل أيوب.

2) ضغط الأصدقاء الذي أخرج ما في داخل أيوب.

3) كلام أليهو الذي أعطى أيوب أن يشعر بأخطائه وهذا مَهَّدَ الطريق لكي يتكلم الله.

4) الله يتكلم، ولم يتكلم الله قبل ذلك، فأيوب بقلبه المنتفخ لن تكون له الأذن التي تسمع صوت الله، لذلك كان الله يمهد ويعمل أولًا على إعداد حواس أيوب ليسمع. وهذا معنى قول الرب "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت5: 8).

ونرى عذوبة معاملات الله مع أولاده، فلا نجد كلمة عتاب من الله لأيوب، بل يرفعه الله أمام أصدقائه، ويطلب منه أن يصلى لأجلهم ليكرمه في عيونهم، وعَوَّضه الله الضعف عن كل ما كان يملكه وضاع منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق